“مقال من جريدة الثورة” بعنوان : كيف تحسّن واقع مياه الشرب في القدموس وريفها.. ومتــى يتخلـــص الســــكان مـــن العطـــش نهائيــــاً ؟

في الفترة الأخيرة وتحديداً بعد سنة 2012 سعت مؤسسة المياه بطرطوس لإيصال مياه الشرب للمواطنين من آبار قرب مدينة بانياس.. لكن رغم ذلك بقي الوضع غير مقبول على الإطلاق حتى منتصف نيسان الماضي حيث باتت المياه تصل لسكان مدينة القدموس كل يومين بعد أن كانت تصل كل عشرة أيام مرة، وباتت تصل لسكان القرى كل عشرة أيام مرة بعد أن كانت تصل اليهم كل أربعين أو خمسين يوم مرة.. ولن يتوقف الأمر عند ذلك فهناك خطوات جديدة تقوم بها الحكومة عبر مؤسسة المياه بالتعاون مع جهات مانحة لتحسين الواقع يوماً بعد آخر وصولاً للقضاء على مشكلة العطش المزمنة في تلك المنطقة النائية.‏

لم يأت من فراغ‏

السؤال الذي يفرض نفسه في ضوء ما تقدم ما هي الأعمال والمشاريع التي تم تنفيذها للتخلص من العطش؟ وكيف تحسّن الواقع فجأة بعد يوم واحد من زيارة رئيس مجلس الوزراء لطرطوس منتصف نيسان الماضي؟ وما هي خطة المؤسسة للقضاء بشكل تام على مشكلة العطش في منطقة القدموس؟.‏

المهندس نزار جبور مدير عام مؤسسة مياه طرطوس بدا سعيداً بما تم تحقيقه لتلك المنطقة ولم يكتف بالقول إن الواقع المائي في منطقة القدموس مدينة وريفاً تحسّن بشكل كبير جداً في هذه الأيام بل قال: لقد انقلب الوضع رأساً على عقب مضيفاً أن هذا لم يأت من فراغ إنما جاء نتيجة جهود جبارة ومضنية بذلت خلال السنوات الأربع الأخيرة حتى وصلنا إلى ما نحن عليه اليوم وانتهينا مما كان يسمى القرى العطشى حيث كانت تخصص لها مبالغ من الموازنة المستقلة للمحافظة لإبرام عقود مع صهاريج خاصة تصرف خلال فترة ثلاثة أشهر الصيف ما يعادل اليوم ما قيمته 200 مليون ليرة في كل صيف حيث تم صرف /16,6/ مليون ليرة ثمن مياه بالصهاريج خلال صيف 2010 فقط وقد انتهت هذه الظاهرة منذ عام 2014.‏

واعترف جبور بأن واقع مياه الشرب كان مزرياً وكان يشكل ضغطاً إضافياً على أهلنا في منطقة القدموس إضافة للضغوط الأخرى حيث وصل دور المياه إلى دور لعدة ساعات كل 12 يوماً في مدينة القدموس إضافة لدور واحد أيضاً لعدة ساعات كل 50 يوماً في الريف وذلك خلال عام 2012 وما قبل رغم توافر كل شيء يومها (الطاقة مستمرة ورخيصة والموازنات متوفرة) أما حالياً فلا وجود للقرى العطشى حيث تصل المياه إلى المدينة بمعدل يوم بيوم وإلى الريف دور كل أسبوع وبعدد ساعات جيد يكفي ويزيد عن الحاجة علماً أن منطقة القدموس غير مأمولة مائياً حيث يتم ضخ المياه من بانياس الساحلية ومن منسوب 20 متراً عن سطح البحر إلى جبل المولى حسن في قمة مدينة القدموس بارتفاع 1180 متراً عبر ست مراحل ضخ حتى مدينة القدموس ومرحلتين بعد القدموس.‏

أعمال بمئات الملايين‏

وفي رده بخصوص أهم الأعمال المعقدة التي نفذت خلال الأربع سنوات الأخيرة رغم الحصار وقلة الاعتمادات ووضع الطاقة الصعب قال جبور: الأعمال التي تم تنفيذها عديدة ولعل أهمها:‏

– ربط المصدر المائي المتمثل في آبار بانياس بالمحطة الأولى للقدموس /بخط من الفونت قطر 350 مم طول 1700 متر عام 2014/ حيث تم تزويد المؤسسة بالبواري مجاناً عن طريق الوزارة.‏

– توريد وتركيب كافة التجهيزات الميكانيكية والكهربائية من مجموعات ضخ عملاقة عدد 16 في محطات الضخ الأربعة الأولى مع لوحاتها حيث تم تزويد المؤسسة بها بعد المتابعة الحثيثة مع بواري الفونت المذكورة سابقاً بقيمة إجمالية تقارب 1,2 مليار ليرة وتم تركيبها خلال عام 2014 مجاناً.‏

– تأمين مراكز تحويل كهربائي عدد /4/ من قبل المؤسسة بعد إجراء الصيانات اللازمة لها حيث كان بعضها خارج الخدمة منذ أكثر من 15 عام وذلك لتذليل كل الصعوبات أمام تغيير واقع المياه بالمنطقة.‏

– تدشين خط جر القدموس بتاريخ 9/10/2014‏

– تأمين مجموعات توليد لمحطات الضخ بعد ازدياد وضع التيار الكهربائي والطاقة سوءاً بسبب الإرهاب حيث تم خلال عام 2016 وبداية عام 2017 تأمين ثلاث مجموعات توليد ضخمة استطاعة كل منها 1000 ك ف أ سعر المجموعة يقارب المئة مليون ل س مجاناً عن طريق وزارة الموارد المائية.‏

– إجراء الصيانة من قبل المؤسسة بالتعاون مع شركة كهرباء طرطوس لخط توتر مستقل خارج الخدمة منذ أكثر من 15 عاماً وتم رفع التقنين عن المحطتين (صفر -واحد) بداية عام 2017 بتكلفة 22 مليون ليرة بدلاً من تنفيذ خط جديد بتكلفة تقارب 100 مليون ليرة.‏

– بعد ربط المحطة الأولى بالخط أعلاه تمكنت المؤسسة من نقل مجموعة توليد 1000 ك ف أ من المحطة الأولى إلى المحطة الرابعة بعد شق طريق جديد لتتمكن الشاحنة الطويلة من نقل المجموعة العملاقة وتم ذلك.‏

تخصيص الوقود‏

ويضيف مدير المؤسسة: بعد أن تم تجهيز مجموعات التوليد في المحطات واجهت المؤسسة معضلة نقص الوقود بسبب الحصار وخلال الزيارة الكريمة للسيد رئيس مجلس الوزراء المهندس عماد خميس لمحافظة طرطوس وجه بدعم هذا المشروع بالوقود وتم تزويد المؤسسة يومياً بصهريج وقود وهذا ما كان له أكبر الأثر الإيجابي في تحسين واقع مياه الشرب للسكان.. إضافة لتوجيهه بربط محطات خط جر القدموس /2+3+4/ بخط توتر مستقل بتكلفة 366 مليون ليرة والمشروع قيد الإنجاز بشكل كامل.‏

وعلى التوازي كان الكادر الفني في المؤسسة يدرس تصريف المياه الواصلة إلى مدينة القدموس باتجاه الريف بعد استثمار المشروع بطاقته القصوى وفي بداية عام 2017 وخلال الشهر الأول والثاني منه تم تحديث مضخات المحطة الخامسة في مدينة القدموس وتم مضاعفة كمية المياه المستجرة باتجاه خزان المولى حسن (الخزان الرئيسي لريف القدموس) من خلال تركيب مضخات أفقية عدد /3/ ومجموعة توليد بتكلفة إجمالية / 100/ مليون ليرة قدمت مجاناً عن طريق وزارة الموارد المائية‏

-المصدر المائي: رأت المؤسسة بأن الآبار التي كانت محفورة سابقاً ومخصصة للقدموس وبعد تشغيل خط الجر الثاني للقدموس تم تحويلها لخط القدموس بدل بانياس ما أحدث اختناقاً في مدينة بانياس فقامت المؤسسة على الفور خلال عام 2016 بحفر بئرين ارتوازيين غزارة كل منهما 300 م3/ساعة في كل من المحطات صفر وواحد للقدموس بحفارة المؤسسة والاكساء بقمصان معدنية أيضاً صنعت في ورشة المؤسسة وتم تركيب تجهيزات للبئرين مقدمة مجاناً عن طريق وزارة الموارد المائية وبتكلفة إجمالية قاربت 50 مليون ليرة حيث أمن البئران استقراراً مائياً لكل من بانياس والقدموس بأسرع وقت وأقل تكلفة.‏

– تقوم المؤسسة حالياً أيضاً بمعالجة وضع بعض الشبكات في ريف القدموس كخط الحاطرية حيث سيتم استبدال الخط القديم القائم ذي القطر الصغير بآخر بتكلفة /70/ مليون ليرة تقريباً ما سيساهم في تقليص الدور وتصريف المياه من خزان جبل المولى حسن.‏

– أيضاً ستقوم المؤسسة بداية العام القادم بتحديث مضخات المحطتين الأولى والثانية لخط الجر الأول القديم إلى القدموس واستجرار غزارة إضافية تقارب 180 م3/ساعة لتصبح قادرة على تلبية الطلب المتزايد على المياه على مسار الخط من بانياس إلى القدموس.‏

ويختم جبور حديثة بالقول: إن أعمال الربط الكهربائي للمحطات التي وجه بها السيد رئيس مجلس الوزراء تسير بوتيرة جيدة حيث تم الانتهاء من ربط المحطة الثانية وقريباً سيتم إخراج المحطة الثالثة عن التقنين وتبقى المحطة الرابعة ولكن استقرار التيار الكهربائي حالياً وديمومته أظهرا الكفاءة العالية لعمل هذا الخط ووصلنا بواقع مياه القدموس إلى ما هو عليه الآن بعد معاناة دامت لأكثر من أربعين عاماً وفي أصعب الظروف التي تمر بها البلاد وهذا يؤكد أنه رغم الجراح يبقى المواطن هو بوصلة العمل الحكومي مع الإشارة بأن تكلفة إنتاج وإيصال المتر المكعب من المياه يكلف المؤسسة ما يقارب 250 ليرة في القدموس بسبب تعدد مراحل الضخ بينما يباع قسم كبير منها بمتوسط 15 ليرة للمتر أي أن المياه مدعومة بعشرات المرات مقارنة بتكلفتها الحقيقية مثلها مثل رغيف الخبز.‏

لنا كلمة‏

إن ما تحقق في هذه الظروف الصعبة حتى الآن يستحق كل تقدير على الجهود التي بذلت من أجل إنهاء مشكلة مزمنة عانى منها سكان القدموس وريفها أشد المعاناة على مدى العقود الماضية.. كما تستحق الجهود المستمرة وصولاً للقضاء النهائي على مشكلة العطش كل ثناء فالناس التي تسكن تلك المنطقة النائية وتتمسك بأرضها وتنتج منها رغم كل الظروف الصعبة تستحق الدعم والرعاية والاهتمام.‏

 

You might also like

Leave A Reply

Your email address will not be published.